قلم: ابوعبدالله
حقاً، إن الحقيقة أغرب من الخيال.. كما يقول المثل البريطاني..
لن يتخيل حتى سقراط أن أبو مازن يصر على دعوة أوباما إمبراطورية القرن.. إلى جنازته..
قرن جديد.. عالم جديد.. إرهاب جديد.. خصم جديد.. حرب جديدة بعد سقوط الشيوعية وإنتهاء الحرب الباردة تتطلب إفتعال حدث تاريخي وعدو هلامي ملامحه غير محددة لتبرير حزمة من الحروب تضفي مشروعية لبرنامج السيطرة على العالم..
من السهل إستلاب المرء سياسياً وثقافياً وإثنياً.. ولكن أن يعتبر بعض غوغائنا نجاحات أبو مازن النوعية وأداؤه السياسي الرفيع في واقع جديد يقوم على تزييف الحقائق وتقسيم جديد للخير والشر إخفاقاً وفشلاً لغوغائية التي إستمرئت إستغفال شاعرية الناس الروحية وإستلاب كبريائها الوطني.. فهذا شطط وضيع لم يتجاوز بعد طور المخاط السياسي لم يرتقي حتى إلى طور المراهقة السياسية..
ليس خافياً.. أن إصرار أبو مازن على السلام يستفز حتى من يسير في ركب أوسلو على مضض.. ويفري قلوبنا النازفة حين يغرد ببرود بريطاني أن البديل عن السلام هو الإصرار على السلام.. بل يجلط خلايا مخيخنا عندما يصرح صادقاً مئة بالمئة بأن السلام خيار إستراتيجي.. ليس تكتيكي.. وفي الحقيقة لا يقصد الرجل إيذاء قدسية مشاعرنا الجريحة بقدر ما يحرص ويريد أن يجلط إست إمبراطورية قرن الشيطان..
يا ترى.. من يعرف أن دكتوراة أبو مازن في الإستشراق الذي إستحدثه ريمون لول لإختراق إمبراطورية عمر أو الصديق أو عثمان أو علي.. وأنه يتبنى إستراتيجية: إعرف عدوك كيف يفكر تكسب نصف المعركة.. معرفة مرحلة تاريخية جديدة تعج بضحايا كثيرة متنوعة من حريات وثقافات حقوق إنسان وسيادة وديمقراطيات شعوب مستضعفة وتغيير خريطتها الدينية والإجتماعية والعبث بالتناقضات الداخلية للشعوب المستهدفة والقاسم المشترك بينها هو الإنتماء الديني والنشاط الإنساني الإغاثي والتعليم..
من يعرف أن أبو مازن هو من رجح كفة فريق عرفات المؤيد للبدء بالكفاح المسلح عندما تساوت أصوات المؤيدين والمعارضين للشروع بالقتال داخل اللجنة المركزية إدراكاً منه أن البدء بالقتال ضرورة موضوعية.. تهرب من إستحقاقها الغوغاء آنذاك.. وبعد حرب العراق وهزيمة العرب كما قال جيمس بيكر رفض أبو مازن الإقرار بالهزيمة ولم يرفع الراية البيضاء بل قاد بكل ما أوتي من قوة دفرسوار أوسلو لا يبالي بثرثرات ناشزة لا تضر ولا تنفع وكأن إنكار أو تزييف الحقائق يلغي وجودها.. فما ينفع الناس يمكث في الأرض..
من سيصدق.. أن أبو مازن جنرال من الطراز الأول مع مرتبة الشرف.. فلا أذكر أن هناك جنرالاً فتح النار على الجبهة الداخلية والخارجية في آن.. فهو الوحيد الذي أعلن الحرب على اللصوص لتنظيف الحركة من بارونات الفساد والإفساد في نفس الوقت الذي يضرب فيه بقوة على جبهة إمبراطورية القرن ومنطق السياسة فوق القضاء والقانون.. نار حصدت رؤوس كبيرة يحاول الغوغاء تقزيمها وشخصنتها بإختزالها في شخص بارون واحد فر من وجه العدالة بل أبرز رؤوس فتنة الإنقسام والخيانة..
لم يخطئ نتنياهو بوصف أبو مازن بالجنرال حين قال: عرفات لم يمت بل عاد إلينا بربطة عنق.. فالرجل وعرفات وجهان لعملة صعبة إسمها فتح.. من تعلم الأجيال أن قمة التطرف هو الإعتدال فإن دخل عرفات مؤتمر مدريد لسحب البساط من تحت عرب الردة وقلب الطاولة على رأس بوش الأب كما ذكرت المجلة العسكرية الإسرائيلية فإن قلب الطاولة على رأس بوش الإبن وغداً على رأس أوباما فأبو مازن من تيار الصقور بالحركة وليس الحمائم كما هو الإعتقاد السائد..
صقر لا يغفل أن الرئيس الأمريكي ريغان كان يتمنى أن يمن الله عليه بشرف كبس الزر النووي لتحقيق إرادة الله في وقوع هر مجيدون.. وزلة لسان بوش الإبن على الملأ بأن الحرب على العراق حرب صليبية ومهمة إلهية..
ليس مهماً أن يؤمن سيد قطب أو لا يؤمن أبو علي مصطفى بهر مجيدون.. المهم هو ما تؤمن به الإدارة الأمريكية.. فقد إستحدث في البيت الأبيض ولأول مرة في تاريخ أمريكا العالمانية – سيكيولاريزم – مكتب معني بالشؤون الدينية وبوش الإبن طلب تخصيص 3.7 مليار دولار لدعم الجمعيات الدينية الخاصة بالتنصير.. رغم أن دستور أمريكا ينص على فصل الدين عن الدولة إلا أن دور الدين لم يغب عن إتخاذ القرار السياسي الأمريكي بحكم سيطرة حركة الأصولية الإنجيلية خاصة بعد مجيء بوش الإبن الذي إستلهم مواقفه من هذه الحركة المتصهينة ومحور أدبياتها هو الإيمان بنهاية كارثية كونية قريبة يكون مسرحها الشرق الأوسط وسيقتل فيها مئات الملايين من أعداء المسيح.. رفعته الملائكة مسجي من النافذة الشرقية أو الغربية لا أذكر وإنقلب وجه الإسخريوطي إلى وجه المسيح كما جاء في إنجيل برنابا الغير رسمي كنسياً ويؤكد القرآن حقيقة الرفع مسجي وتغير وجه الخائن..
ويعتقد أتباع هذا المذهب الديني المتعصب ومنهم بوش وريغان والمحافظون الجدد أن الخلاص سيتم بعودة المسيح المشروطة بقيام دولة إسرائيل وبناء المعبد للمرة الثالثة على أنقاض المسجد الأقصى.. وأظهر مسح أجرته جامعة أكرون في أمريكا أن واحد وثلاثين بالمئة من البالغين من سكان الولايات المتحدة يعتقدون صحة هذه العقيدة..
فالإيمان بحتمية هر مجيدون تعني تعطيل مساعي التسوية والسلام ودفع الأمور في الشرق الأوسط دائماً نحو الحرب فالسلام يعطل هر مجيدون أما الحروب فإنها تمهد لهر مجيدون وتعجل عودة المسيح.. وهذا بيت القصيد..
يعني يا أبو مازن إنت كافر ومتهم بالتحريض على السلام لتعطيل هرمجيدون وعرقلة عودة المرحوم.. دبّر حالك..
بنصحك إتحول حماس يا جلجلت.. لازم تعرف أمريكا إنك طخيخ.. وإلا..
إذن وفي ضوء أعلاه.. هناك إستراتيجية سلام عنوانها أستاذ أبو مازن.. وإستراتيجية حرب عنوانها راعي إمبراطورية البقر.. وعلى الجميع أن يختار إما أن يكون مع أبو مازن أو مع أوباما ولا توجد منطقة وسطى ما بين فسطاط الأقصى وفسطاط الهيكل..
عفواً.. كاتب هذه السطور معارض لإوسلو ورفض الإنضمام للأجهزة الأمنية أو المدنية هذا لا يعني عدم إنصاف ونصرة رفاق الدرب فالإحجام من قول الحق خيانة توجب ضرب الشيطان الأخرس بالنار في الساحات العامة كالعملاء..
أليس السلام خيار الإسلام الإستراتيجي؟!..
مع إنحسار غبار جريمة برجي مانهاتن بدئت معركة كبرى تنحصر بين إتجاهات الهيمنة العالمية التي تتبناها الإمبراطورية الأمريكية من طرف وبين قوى الإعتدال والسلام من طرف.. قوى سلامية تشكل عوائق وتحديات لعالم جديد يريد إنهاء وسائل العالم القديم من خلال تهميش دور الأمم المتحدة والشعوب.. ومن أبرز مشروعات هذا العالم الإمبريالي المتوحش مشروع الشرق الأوسط الكبير وتصفية القضية الفلسطينية..
إن المراقب للحملة الإعلامية ومن خلال نتائجها يلاحظ أن الشعب الفلسطيني أصبح ضحية الحرب على الإرهاب ودخلت القضية الفلسطينية ضمن سياسة الحروب الإستباقية أو التحضير لحروب قادمة.. فلقد أمر بوش الإبن بإغلاق وتجميد أرصدة المنظمات الإغاثية المعنية بالشعب الفلسطيني بدعوى أنها تبني مدارس تخرج الإنتحاريين وتساند عائلات الإنتحاريين كذلك وصف شارون جميع الفلسطينيين وليس المسلحين فقط بل كل فلسطيني إرهابي.. وبهذا المعنى والتصنيف فإن أبو مازن إرهابي بإمتياز كونه يصرف رواتب ومعاشات لكل الأسرى وكل عوائل الشهداء وحذر من المساس بهذه المخصصات عقب فتنة الإنقسام وتسليم غزة لحماس لإفشال دفرسوار السلام.. بالطبع لا يفهم من هذا أن أبو مازن ليس رجل سلام ولكن.. السلام الفتحاوي وليس سلام الكاوبوي حيث قال نعوم تشوسكي إن ما قامت به أمريكا يتجاوز بمسافة بعيدة جداً نطاق أي نشاط إرهابي آخر ومنافي للعقل فالأمر تجاوز إطار المدنية ضد البربرية فقمة الحضارة الغربية ترتكب مجازر ضد البشرية جمعاء إنها أسوأ بربرية منذ الغزو المغولي لبغداد وبوش الذي نصب نفسه شرطياً للعالم عرضة لعقوبة الموت بموجب معاهدة جنيف والقانون الأمريكي..
وبسبب هذا الحصار العالمي على المؤسسات والمنظمات غير الربحية المعنية بالشعب الفلسطيني أصبح أكثر من 60% من الشعب الفلسطيني تحت خط الفقر.. فهناك إرتباط بين هذه الجملة الإعلامية على تلك المنظمات والمؤسسات غير الحكومية وقضية فلسطين من حيث أن هناك إرتباطاً عقدياً ودينياً أشبه بالحبل السري بين أمريكا وإسرائيل الذي يحرك الصراع لصالح إسرائيل تجلت بصدور تعليمات أمريكية لدول عربية بتخفيض عدد ساعات التعليم الديني من عشرين ساعة إلى أربع ساعات فقط وقصرها على أمور التعبد دون أمور الجهاد ومعاداة اليهود..
ليس هذا فحسب.. بل طالت الحملة المؤسسات والمنظمات الإغاثية والتعليمية والعدالة وغيرها من مؤسسات وجمعيات غير حكومية معروفة بالأنجيؤوز وهي غير ربحية تعتبر إمبراطورية القرن عناصر شغب لا تخضع لهيكلة الدولة إستطاعت المستقلة منها إيجاد قوة سلمية شكلت تعبيراً مجتمعياً حقيقياً للتضامن بين البشر ونجحت في حشد حوالي مئة مليون متظاهر في العالم ضد الحرب على العراق.. فقد ذكرت صحيفة النيوزويك عن خطورة تلك القوة السلامية بأن تنامي تلك المنظمات الإغاثية عالمياً التي تجاوز عددها خمسة وعشرين ألف مؤسسة غير ربحية بأنها تحولت إلى صناعة قوامها تريليون دولار وتنامت نسبة التوظيف فيها ثلاثة أضعاف معدل التوظيف في تسع دول متقدمة رئيسية.. قوة سلامية تمارس دوراً قوياً ضد المصالح الإستعمارية وأصبحت عائقاً في وجه دكتاتورية رأس المال بعد أن كانت ظاهرة إيجابية ووسائل ناجحة أثناء الحرب الباردة لإسقاط الإتحاد السوفياتي.. ثم أصبحت هذه الثورة السلمية الأكبر والأكثر خطورة على مراكز السلطة في حقبة العولمة ظاهرة سلبية على المصالح الإمبريالية في عصر إغتيال الحريات والديمقراطية وهيمنة القطب الواحد تتطلب المرحلة الجديدة مرحلة الحرب على الإرهاب إستئصال تلك المنظمات القوية منها والضعيفة المسهم الكبير في إنقاذ حوالي 30 مليون مسلم لاجئ ومشرد..
إستئصال إستخدمت فيه أمريكا منطق السياسة فوق القضاء والقوانين الإستثنائية مثل قوانين الأدلة السرية حرب بلا رحمة شنت بأساليب متعددة من تجميد مواردها إلى تصنيفها السهل بأنها أدوات للإرهابيين حيث إعتبرتها الإدارة الأمريكية من أخطر الخصوم ومنها بعض منظمات الأمم المتحدة وإضعافها من خلال عدم الإرتباط بأي إتفاقيات دولية مثل محكمة الجزاء الدولية وغيرها تحضيراً للهيمنة السافرة.. حرب مفتعلة لعدو وهمي تتم صناعته وفق الآلة الإعلامية حتى الأمم المتحدة أصبحت مستهدفة في هذا المنعطف التاريخي ويراد لها أن تنحاز إلى أصحاب المصالح على حساب أصحاب الحقوق..
يضيف البروفيسور تشوسكي: لابد من صنع عدو حتى لو كان وهمياً للإبقاء على الشعب الأمريكي خائفاً يخشى السفر لترويض الرعاع وتهيئة الرأي العام لما يراد تحقيقه عبر فن الديمقراطية وتقنية الدعاية البروبغاندا التي لم يسبق لها مثيل في عصور التاريخ بذلك نحقق نصراً فالدعاية لدى الديمقراطية الهراوة لدى الفاشية..
إن تكنولوجيا المعلومات وتصريحات السياسيين وكتابات المثقفين خلقت فتنة دجالية تشبه فتنة الدجال الأكبر في قلب الحقائق.. وكخطوة أولى للخروج من هذا الكابوس المريع أطفيء قناة السي ان ان.. يقول ليندون لاروش..
إقرأ..
في لوح كليمك.. المكسور..
أنا عربي..
رقم بطاقتي.. ألفي ألف.. ألف..
كنعان أبى عدوك.. اللدود..
وقمر الزمان أمي.. فلسطين
فلا.. تجهلن على أسيادك..
عنقاء كربلاء لاح.. صبحها..
هل تغضب..
كافور إسخريوطي.. البقر..
فتح النور والنار.. عروسنا..
قضى باشقها والعندليب.. ينتظر..
فإكتمل نصاب حوارييها في.. عليين..
يرقبوا.. بجوار ربي..
بعد قليل وما بعد.. بعد..
وصال إنتفاضة الرماد والفردوس.. المفقود..
فإحذر.. إسراف جهل أولادها..
فما تحسبه يمامة بطلع.. صقر..
هل تغضب..
أسمعها ثانياً وثالثاً و.. عاشراً..
إشرب البحر.